|
چکیده
|
غایات الربط سواء أکانت غایات جمالیة أو فنیة أو تعبیریة, بالمقابل تتطلب مخزوناً ثقافیاً یساعد الباحث فی معرفة أصول ومرجعیات الرمز على اساس أن الشاعر قد یستدعی نصوصاً, ومضامین قدیمة وحدیثة من مرجعیات مختلفة, لذلک جاء البحث بعنوان {الرمز عند الشاعر محمد عفیفی مطر }, وتکمن أهمیة اختیارنا للموضوع فی قدرة الشاعر محمد عفیفی على توظیف النصوص التی یستدعیها سواء أکان الرمز دینیاً أم أدبیاً أم تاریخیاً أم أسطوریاً .
محمد عفیفی مطر.. مسیرة نصف قرن من الإبداع الشعری الشدید التمیز والثراء والخصوبة والعمق والمتشعب الدلالات والرؤى. فی حضرة هذا الشاعر المالک لطاقة شعریة خلاقة، والمحتل لمکانة رفیعة بین شعرائنا المعاصرین، نحن أمام تجربة شعریة فریدة عصیة تستفز قارئها وتثیره، فهی لیست، أبداً، فی متناول کل ید قارئة، لأن صاحبها من أکثر المبدعین وعیاً بأن الکتابة الجیدة الممتازة لیست بالفعل الهیِّن أو الیسیر، بل هی عمل شاق حقا. هو الذی ضاق، منذ بدایاته، بالمألوف المتداول والمکرس، والتمس لنفسه السیر فی الطرق الوعرة للبحث عن الإنجاز الشعری الحقیقی، آخذاً على عاتقه التزود العمیق من التراث الإنسانی قدیمه ووسیطه ومعاصره، إبداعیاً وفلسفیاً. من ثمَّ جاءت منجزاته الشعریة مدهشة مغایرة لغیرها على مستوى الرؤیة والجسارة اللغویة والمعمار الشعری والإیقاع، حافلة بروافد بالغة الرحابة والغنى، متسمة بالفرادة والتمایز والخصوصیة. إن الکتابة عن المتون الشعریة المطریة مهمة شائکة محفوفة بالصعاب، تُلقی المزید من العناء والجهد على کاهل الباحث الذی یسعى لقراءتها ومقاربتها. فهی لن تفتح له بعض مغالیقها وأسرارها بیسر، بل قد تصیبه بالإحباط حین یجد نفسه عاجزاً عن متابعة سیاقها المعنوی أو الشعوری. کما أنها لن تمکنه من الوقوف على أبعادها الفنیة والفکریة المتعددة المتشابکة دون مکابدة ومعاناة وجهد بالغ، ذلک لأنها متون مدججة بمعرفة شمولیة، تحیلک بعد معایشة مدیدة شاقة، على مرجعیات وحقول معرفیة بالغة التنوع، وعلى أمکنة متعددة ونماذج إنسانیة تنتمی لأزمنة شتى، ومقامات شتى، وعلى حشد من العناصر الفنیة الشعریة والمستعارة من أجناس مختلفة نحت بها منحى درامیاً. کل هذا أسهم فی تسربلها بغلالة کثیفة من الغموض، ولکنه غموض مدهش خصیب مثمر. إننا إزاء مبدع تمیز بین شعراء جیله بالعطاء الغزیر وأمام متون شعریة تکتنز فی ثنایاها عوالم عمیقة الأغوا
|